صلبان وأناجيل ومطاعم لتقديم لحم الخنزير في الجزائر
ثلاثمائة كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام
ماذا لو عاد العلامة عبد الحميد بن باديس من قبره ورأى الإرساليات التبشيرية تهرول نحو الجزائر، وهي تدس السم في العسل للشباب الجزائري الذي شرقته البطالة حينا وغربته المحن السياسية حينا آخر؟
ماذا تراه سيقول لو رأى 300 كنيسة تفتح أبوابها لعشرة آلاف مرتد عن الإسلام ـ حسب بعض الإحصائيات ـ الذين ركبوا الموجة "اليسوعية" التي قذفت بها الأيادي الأجنبية الحاقدة على الإسلام إلى الجزائر؟ماذا تراه سيقول وهو يرى رياح التنصير تهب على الجزائر وهو صاحب البيت الشهير:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
قبل أن نلج هذا الموضوع، لابد أن نعترف أننا تشرذمنا أمام موقفين متناقضين من التنصير في الجزائر، وأشكل علينا أن نحدد موضع أقدامنا منه أمام تلك الأرقام المذهلة التي تقول إن التنصير يكاد يبتلع منطقة القبائل وبعض المناطق في الجنوب الجزائري، وبين تصريحات المسؤولين الجزائريين الذين اعتبروا هذه الأرقام من قبيل المبالغة والهدف منها إذكاء نار الحقد والضغينة حسب قولهم، من أجل هذا وذاك رأينا أن نستعرض هذه الأرقام وتلك المظاهر التي تقول إن التنصير أصبح له موطئ قدم في الجزائر، وتلك التصريحات للمسؤولين الجزائريين الذين استجوبناهم والتي تنفي أن يكون التنصير بهذه الحدة وتلك الضراوة.
6 أشخاص يرتدون عن الإسلام يوميا
في تحقيق أعده ثلاثة باحثين جزائريين، كشف عن ارتفاع معدل التنصير في الجزائر، إذ بلغ عدد المرتدين عن الإسلام 10 آلاف شخص أي بمعدل 6 أشخاص في اليوم معظمهم من الشباب، وحسب تقرير أصدره مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لكتابة الدولة الأمريكية، فإن فئة غير المسلمين في الجزائر بلغت نصف مليون شخص يرتادون 300 كنيسة وأغلبها في منطقة القبائل، وذكر تقرير آخر أن نسبة 25 ٪ من سكان بعض القرى في منطقة القبائل وفي بعض مناطق الجنوب الجزائري ارتدوا عن دين الله أفواجا، فيما انتهز المنصرون في الجنوب الجزائري تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ليقبضوا على رقاب الأهالي وينحرفوا بهم إلى المسيحية، إذ يقول تقرير أعدته باحثتان جزائريتان، أن المنصرين تغلغلوا في مناطق الجنوب الجزائري وصاروا يشاركون الأهالي أكلهم وشربهم ويتحدثون لهجتهم ويمتهنون رعيهم بل هناك من نسائهم من تتبادل الزيارات مع نساء
"الطوارڤ" بغية تنصيرهن وحسب نفس التقرير، فإن نسبة المتمسحين في منطقة
"تيميمون" الواقعة في الجنوب الجزائري، بلغت نسبة 5 ٪ بزيادة 3 ٪ مقارنة بالسنوات الماضية.
ويضيف تقرير آخر أن نشاط مختلف الكنائس بلغ 70 ٪ خلال السنوات الماضية في حين لا يتعدى نشاط الكنائس التي تعمل في إطار قانوني نسبة 5،30 ٪ والملاحظ أن هذه الكنائس تحاول اجتذاب الشباب البطال والفقير بتقديم يد المساعدة له حتى يسهل اقتياده فيما بعد إلى المسيحية، وهو الأمر الذي تعكف عليه الكنيسة البروتستانتية في ولايات "بسكرة"
و"ورقلة" و"تڤرت" و"جامعة" بولاية "الوادي"، حيث تشرف هذه الكنيسة على المشاريع المصغرة لاستصلاح الأراضي الفلاحية ودعمها ماديا، كما تعمل على إنشاء مطبعة خاصة بطباعة الإنجيل بالجزائر العاصمة حتى تسهل مهمة توزيعه في كل ولايات الجزائر، وحتى تضمن استمرار نشاطها، قامت بتوزيع عناصرها على أربع جهات من البلاد، حيث تختص كل مجموعة بجهة معينة ليتم تقديم تقارير للكنيسة الكاثوليكية في العاصمة حول أوضاع الأقلية المسيحية في مختلف مناطق الجزائر، كما تقوم هذه الكنيسة من خلال جمعيات نشيطة بتنظيم مخيمات لـ "المؤمنين الجدد" ويتم خلالها تعليمهم عقيدة التثليث وقواعد المسيحية بشكل عام، ويجدر بالذكر أن الكنيسة "البروتستانتية" بالجزائر تلقى كل الدعم المادي من طرف المنظمة الدولية للكنائس الموجودة بالولايات المتحدة.
المنصرون يعملون في صمت
محاولة الولوج إلى عالم المنصرين الذين باعوا دينهم مقابل حفنة من الوعود والأماني ليس بالأمر السهل على اعتبار أن 99 ٪ من الشعب الجزائري مسلم وليس من السهل أن يعلن المرء عن مسيحيته أمام الملأ لأن الأمر يعد"ردة في ثقافتنا الشعبية، والمرتد عندنا مارق عن الأصل ومنبوذ اجتماعيا من ذوي أرحامه ومحتقر من كافة أفراد المجتمع" مثلما جاء على لسان أبوجرة في الحوار الذي أجريناه معه على هامش هذا الموضوع، لذلك يحاول المنصرون إخفاء أمر اعتناقهم للمسيحية خاصة في تلك المناطق التي لا تعرف انتشارا واسعا للتنصير، ففي ولاية سطيف لا أثر ظاهر للمسيحية فيها، ولكن قادنا تحقيق حول هذا الأمر إلى اكتشاف خلية تدير نشاطاتها في مقر سري وتحت إشراف قس فرنسي يعمل كطبيب للمعاقين.
ولكن الوصول إلى هذه الخلية السرية كان من أصعب المهمات التي صادفتنا لأن التكتم الشديد يطبع أمر التنصير في هذه المدينة المحافظة، غير أن العناصر التي تنتمي إلى هذه الخلية تحاول أن تنشر المسيحية بين الناس في صمت، وهو الأمر الذي تعرض إليه أحد الأشخاص الذي كان مسافرا في الحافلة أين جلست بالقرب منه فتاة عرضت عليه المسيحية فنهرها، هذا وتحدث لنا مسؤول رفيع المستوى أن التنصير في المناطق الشمالية لولاية سطيف يعرف نشاطا متزايدا على عكس المناطق الأخرى وبعض السكان هناك أبلغونا أنهم عثروا على كتيبات ومنشورات على قارعة الطريق تتحدث عن مزايا المسيحية، ويضيف ذات المسؤول، أن الجامعة هي أكثر البؤر التي ينتشر فيها التنصير كونها تضم طلبة أفارقة استطاعوا أن يؤثروا على بعض الطلبة ويردونهم عن دينهم، ومع ذلك يعتبر طلبة الجامعة أكثر وعيا في التصدي لظاهرة التنصير على عكس طلبة الإكماليات والثانويات الذين يسقطون في فخ التنصير من أول وهلة.
وفي هذا الصدد عبّر أولياء تلاميذ إحدى الثانويات بالجزائر العاصمة عن قلقهم إثر عثورهم على أناجيل وصلبان في محافظ أبنائهم، وتبين فيما بعد أن هذه الأناجيل والصلبان قدمت إلى المنطقة عبر البواخر القادمة من مختلف الدول الأجنبية، والملاحظ أن الإغراءات المادية ليست وحدها وراء تنصر العشرات من الشباب، فهناك من ارتمى في أحضان المسيحية هروبا من تشريعات الإسلام، كهذا الشاب الذي اعتنق المسيحية لكونها تبيح النساء والخمر، وآخر لا يعني له الإسلام أكثر من رداء يلبسه ويخلعه متى شاء، فما إن وطئت قدماه أرض الكنيسة، حتى تأثر بمشهد المسيحيين وهم يؤدون صلاتهم وتوطدت علاقته بالمسيحية بعد أن قرأ الإنجيل فترك الإسلام غير آسف عليه بعد أن كان يصلي ويصوم.
قبل فوات الأوان
ليس من الحكمة في شيء أن نعتبر ظاهرة التنصير في الجزائر، حتى وإن لم تكن بالحدة التي صورتها بعض الأرقام، سحابة عابرة سرعان ما تزول بزوال الظروف والأسباب التي أوجدتها، ذلك لأن التنصير في الجزائر أصبح له بارونات ورؤوس كبيرة تديره من وراء البحار والمحيطات ظهور، وقساوسة ورهبان يقبضون على ناصيته ويسهرون على استمرار نشاطه داخل الجزائر، لاسيما وأن الإرهاب عاد مجددا على ظهر دبابة وهو يحاول أن يعطي صورة سيئة عن الإسلام، وهو الأمر الذي من شأنه أن يخدم التنصير، لذلك من الضرورة بمكان أن تتكاتف جهود الدولة الجزائرية والقوى الإسلامية وعلماء الدين لمحاصرته ومحاربة مروّجيه بإبراز المعاني الروحية للإسلام وأبعاده الحضارية لأن معظم الذين تنصروا لم تكن علاقتهم بالإسلام وطيدة ولم يغرفوا من مشاربه العذبة النقية، فما إن عرض عليهم البديل حتى تخلوا عن دينهم، فالخوف كل الخوف على هؤلاء الذين يصبحون على الإسلام ويمسون على المسيحية، أما الجزائريون الذين قصدهم العلامة بن باديس ببيته الشهير الذي أشرنا إليه في بداية هذا الاستطلاع، فالإسلام منسكب في دمائهم، فلو وضعوا الشمس عن يمينهم والقمر عن شمالهم مابدلوا دينهم .