استضاف
مركز البحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية، أمس، المدير العام الأسبق
لوكالة الأنباء الجزائرية، بدر الدين ميلي الذي عرض كتابه الجديد المعنون
''مرايا للقبّرات''، وهو كتاب يتعرض لوضع النخبة الجزائرية والمراحل
التاريخية التي مرّت بها· ويتوصل كاتبه في النهاية -حسب النقاش- إلى
التساؤل حول أسباب قبول النخبة الجزائرية أن تقودها وتحكمها جهات ليست في
مستواها·
يقول
صاحب الكتاب الجديد إن عمله تكملة لعمله السابق ''الفجوة والجدار''، وهو
يغطي الفترة الزمنية الممتدة ما بين 1960 و,1980 وهي -حسب بدر الدين ميلي-
أولى أكبر المغامرات التي أعقبت الاستقلال· لكن بتطرقه إلى تاريخ النخبة
الجزائرية، فضّل صاحب الكتاب أن يدخل من خلال أسماء لعبت دورا كبيرا في
قيادة النخبة الجزائرية، ذاكرا منهم كاتب ياسين ومالك حداد وبشير حاج علي
ومراد بوربون وجمال عمارني ومصطفى كاتب وجون سيناك وصفية كتو ومصطفى تومي
ومحمد بودية وإيسياخم ونادية قندوز ويوسف سبتي، ليعود بعدها إلى أهم
الأحداث التي طبعت النخبة الجزائرية بأحداثها، بدءا من انقلاب 19 جوان 65
الذي وصفه الكاتب بأنه ''حمام بارد أخذته النخبة الجزائرية''، على كل
الأصعدة التعليمية أو النقابية·
وبحسب
بدر الدين ميلي، فإن ما تلا من أحداث كان أكثر وطأة على النخبة الجزائرية،
وهي الفترات التي حاولت خلالها النخبة الجزائرية إثبات وجودها وعدم
اندثارها، مع البحث في أي خندق ستكون مع التغيرات السياسية والاقتصادية
التي حدثت بعد الاستقلال·
وأضاف
بدر الدين ميلي، خلال النقاش، أن مناخ الحرب الباردة كان ملائما لعودة
النخبة الجزائرية إلى الواجهة في خضم النقاش الدائر بين الذين اختاروا
التنمية عن طريق الاشتراكية والتأميمات والثورة الزراعية· كما يقول الكاتب
إن فترة الانفتاح كان لها الأثر البالغ على النخبة الجزائرية التي قوضتها
الأزمة الأمنية، ''إذ هاجر من هاجر ووقع إفراغ للبلد من أدمغته وانعزل من
انعزل''·
وهنا
أبدى صاحب الكتاب نظرته النقدية لجيل النخبة التي رافقت الانفتاح والأزمة
الأمنية، موضحا أن ''الإصلاح الجامعي الذي قاده محمد الصديق بن يحيى تم
التراجع عنه رغم التوازن الذي أصبح يطبع مؤسسات الدولة منذ ,''66 مضيفا أن
الهزة التي ضربت النخبة بعد وفاة بومدين، ألقت بضلالها إلى غاية ما بعد
الانفتاح السياسي في الجزائر ''وبالتحديد منذ المؤتمر الرابع للأفلان''·
كما
حمّل ميلي الأحزاب السياسية المسؤولية في ترهل النخبة الجزائرية، قائلا:
''كان يُفترض أن تكون التشكيلات السياسية مدرسة للنخبة وتكوينها إلا أنها
زادت من أزمتها ودحرتها وجعلتها من دون أفاق وسبيل''· وأردف قائلا: ''وزاد
قمع المجتمع للنخبة من كارثية وضعها''·
ويطرح
صاحب ''مرايا للقبّرات'' إشكالية حقيقية بقوله ''مقابل كارثية الوضع لدينا
أكثر من مليون طالب في الجامعة ومعظم شبابنا مساير لأحدث تكنولوجيات
الإعلام والاتصال''، ولحل معضلة هذا التناقض يقترح شروطا لعودة ريادية
للنخبة الجزائرية، منها تغيير الخطاب النخبوي والعمل على الإصلاح
الراديكالي للمدرسة الجزائرية والتوقف عن تغذية النخبة للعقد القادمة من
المغرب والمشرق وتجاوز الأنانيات، مع فتح المجال للحوار بين النخبة نفسها
والنخبة والسلطة، متسائلا ''إلى متى تبقى النخبة قابلة لأن تكون تحت قيادة
ليست في مستواها''
مقابل
ذلك طرح الحضور وصفة أخرى لتتحقق هذه الحالة، أهمها أن ''على النظام
السياسي أن يتخلى عن سياسة إنتاج اقتصاد فاشل ونخب غير مستقلة وغير مستقرة
باستعمال الريع الذي يسيطر به على الحياة العامة التي أنتجت أزمة قيادة
وأزمة بديل·