hichem31000 القلم الذهبي
الجنس : نقاط : 846 عدد المساهمات : 276 الموقع : http://algerieislam.tk/
| موضوع: بعض كبار الصوفية الذين هداهم الله للعقيدة السنية السبت سبتمبر 24, 2011 9:44 am | |
| 1* الدكتور تقي الدين الهلالي: شيخ التوحيد في بلاد المغرب والذي كان صوفيا (تيجانيا) فأكرمه الله بدعوة التوحيد, يقول عن سبب خروجه من الطريقة التيجانية: "لقد كنت في غمرة عظيمة وضلال مبين وكنت أرى خروجي من الطريقة التيجانية كالخروج من الاسلام ولم يكن يخطر لي ببال ان اتزحزح عنها قيد شعرة, وجرت مناظرة حول ادعاء الشيخ التيجاني في انه رأي النبي يقظة, وقد ثبت بطلان ذلك "يمكن الرجوع للمناظرة بكاملها في كتاب (الفكر الصوفي ص 474) وكذلك يذكر انه اجتمع بالشيخ عبدالعزيز بن ادريس واوضح له بطلان الطريقة التيجانية".
2* الشيخ عبدالرحمن الوكيل: وكيل جماعة انصار السنة بمصر, صاحب كتاب "هذه هي الصوفية" يقول "كانت لي بالتصوف صلة, وهي صلة العبرة بالمأساة, حيث كان يدرج بي الصبا في مدارجه السحرية وتستقبل النفس كل صروف الاقدار بالفرحة الطروب".
ويضيف "ألا فاسمعوها غير هيابة ولا وجلة, واصغوا الى هتاف الحق يهدر بالحق ان التصوف ادنأ وألام كيد ابتدعه الشيطان ليسخر معه عباد الله في حربه لله ولرسوله, انه قناع كل عدو صوفي للدين الحق, فتش فيه تجد برهمية وبوذية, وزرادشتية, ويهودية ونصرانية ووثنية جاهلية..."
3* هداية الشيخ جعفر إدريس من الطريقة الصوفية إلى الطريقة السنية هداية الشيخ جعفر إدريس من الطريقة الصوفية إلى الطريقة السنية أولاً من هو جعفر إدريس؟!
جعفر شيخ إدريس محمد صالح بابكر عبدالرحمن بلل من قبيلة الشايقية بشمال السودان ولد عام 1932 ميلادية بمدينة بورسودان والده شيخ إدريس من حفظة القرآن الكريم. انتقل لمدينة بورسودان بشرق السودان ليعمل شرطياً
مراحل الدراسة في سن السادسة حدث للشيخ حادث بقدمه عوقه عن المشي لمدة ثلاث سنوات تقريباً. لذلك بدأ تعليمه الرسمي متأخرا جدا، لكنه يرى أن هذا ربما كان من أكبر نعم الله عليه، إذ حفزه للجد في الدراسة في المدرسة وخارجها. فكان في المرحلة الأولية يدرس في المدرسة والخلوة (مدرسة تحفيظ القرآن الكريم) معاً. وفي المرحلة المتوسطة في المدرسة وعلى بعض الشيوخ فدرس عليهم الأربعين النووية وبعض كتب المذهب المالكي، وبعض كتب النحو، وكان يحضر مع والده دروس الشيخ أبو طاهر بالمسجد الكبير ببورسودان فسمع عليه قدرا كبيرا من الصحاح ولا سيما صحيح البخاري، كما درس عليه بعض مختصرات أخرى في الحديث والبلاغة والآداب. درس أيضا على بعض العلماء الشناقيط الذين كانوا يمرون على مدينة بورسودان في طريقهم إلى الحج. ولما انضم إلى جماعة أنصار السنة عرف شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وصاحبهما منذ ذلك الحين وحتى الآن.
مرحلة الدراسة الثانوية قبل بمدرسة حنتوب في سنة 1950 وهي حينئذاك إحدى ثلاث مدارس ثانوية بالسودان وكان لا يُقبل فيها إلا المتفوقون في الدراسة. وفي المدرسة انضم إلى حركة إسلامية ناشئة هي حركة التحرير الإسلامي التي صارت فيما بعد جماعة الإخوان المسلمين، ولم يكن لها ارتباط تنظيمي بجماعة الإخوان في مصر. ثم صارت جبهة الميثاق الإسلامي واجهة لها إبان الحكم الديمقراطي الذي أعقب نظام عبود العسكري.
مرحلة الدراسة الجامعية والتعليم العالي التحق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ثم تركها ليذهب للدراسة بمصر، ثم ترك هذه وعاد إلى جامعة الخرطوم ليدرس الفلسفة (قسم الشرف) والاقتصاد، فلم يتخرج فيها إلا عام 1961 فقبل بها معيدا وسجل لدراسة الماجستير، لكن الجامعة ابتعثته في العام التالي للدراسة بجامعة لندن. بعد سنتين سقط نظام عبود فترك الدراسة واستقال من الجامعة ليشارك في العمل السياسي الإسلامي. وكان مرشح جيهة الميثاق بمدينة بورتسودان. عاد للجامعة مرة أخرى عام 67 فحول المشرف رسالة الماجستير إلى دكتوراة فأكملها في عام 69 لكنه لم يحصل على الشهادة إلا عام 70 بعد أن ابتعثته الجامعة إلى بريطانيا مرة أخرى. العمل والتدريس قسم الفلسفة, جامعة الخرطوم. 1967 - 1973 قسم الثقافة الإسلامية, جامعة الرياض (الملك سعود حالياً ) مركز البحوث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض كلية الدعوة والإعلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكان يدرس طلاب الدراسات العليا بالجامعة مواد العقيدة والمذاهب المعاصرة كما أشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه مدير قسم البحث بمعهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا مدير الهيئة التأسيسية للجامعة الأمريكية المفتوحة مستشار لعدد من المؤسسات الإسلامية في أنحاء العالم شارك في عدة لجان إسلامية عربية وعالمية
النشاط العام والمؤتمرات ألقى أحاديث ودروس ومحاضرات في كثير من الجامعات والمراكز الإسلامية والمساجد في كثير من بلدان العالم في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأستراليا وأمريكا الشمالية ودول الكاريبي وأمريكا اللاتينية. شارك في كثير من البرامج التلفازية والإذاعية في عدد من الدول. اشرف على رسائل علمية لدرجة الدكتوراة والماجستير. شارك ببحوث قيمة في عدد كبير من المؤتمرات الإسلامية والعالمية كتب مقالات كثيرة في الصحف السودانية كان من بينها باب أسبوعي في جريدة الميثاق الإسلامي بعنوان جنة الشوك ومقالات في مجلات إسلامية وأكاديمية باللغتين العربية والإنجليزية. وهو يكتب الآن زاوية شهرية بمجلة البيان التي تصدر في لندن بعنوان: الإسلام لعصرنا. الكتب والبحوث للشيخ عدد كبير من البحوث أكثرها مشاركة منه في مؤتمرات. بعض المؤتمرات ينشرون هذه البحوث وبعضهم لا ينشرونها. كما له عدد من الكتيبات المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية. ولمعرفة المزيد من بحوث وكتب الشيخ تصفح موقع الكتب والمقالات في هذا الموقع.
أفضل من يُعرفكم بالشيخ جعفر هو الشيخ جعفر في نص مقابلة أجرتها معه مجلة العصر الإلكترونية عام 1421 هجرية. نص المقابلة http://216.39.197.143/alasr/Interview/article_132.shtml
قصة الهداية يحكيها الشيخ له ولوالديه:
الشيخ جعفر: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين. أنا من عائلة سودانية كانت تنتمي كمعظم السودانيين آنذاك إلى طريقة صوفية، وكانت الطريقة التي ينتمي إليها الوالدان هي الختمية، وكما هو معلوم أن الطرق الصوفية ولا سيما المنتشرة في بلادنا الآن، مبتلاة بكثير من المسائل الشركية لكن ربنا سبحانه أنعم عليّ بوالدين أثرا في حياتي الدينية والخلقية، فالوالدة لم تكن امرأة عالمة ولكنها كانت شديدة التدين وحازمة جداً، وقد أثرت علي تأثيرا كبيراً في موضوع الصلاة أكثر من الوالد، فقد كانت حازمة جداً في هذا الموضوع، وأذكر أنها كانت توقظنا أحياناً لتسألنا هل صلينا العشاء؟ وانعم الله سبحانه علينا بالوالد وكان رجلا متسامحاً معنا ، فكان يعاملنا معاملة الكبار آنذاك، ويستشيرنا في بعض أموره، وهذا لم يكن شائعاً في السودان , ولكنهما كانا ينتميا إلى هذه الطائفة، فأول شيء أثر في حياتي تأثيرا كبيرا مازلت أحمد الله عليه وأن أحد أقاربناكان من أول من نشر الدعوة السلفية في السودان، وكان من جماعة أنصار السنة المحمدية في بلدنا ببورسودان، وكنت آنذاك في الثانية عشر حيث تركت انتمائي إلى طائفة والديّ تحت تأثير هذا القريب، مما أحدث مشكلة بيني وبين الوالدين لاسيما أمي، حيث كانت تظن أن هذا نوع من الانحراف فقاطعتني وصارت لا تتكلم معي. لكن ساعدني أن هؤلاء الذين تأثرت بهم كانوا من الأقارب وكان منهم رجلاً تحترمه الوالدة احتراماً كبيراً، وهو رجل بسيط يعمل خياطاً لكنه كان رجلاً عالماً، فجاء إلى أمي عند حصول هذه المقاطعة وأصلح بيننا، وبعد مدة تغير الوالد -وكان رجلاً يحفظ القرآن –حيث كنت آتي إليه وأقرا عليه بعض الكتب.... العصر: هل تتذكر بعض عناوينها؟ الشيخ جعفر: ……… كانت كتباً صغيرة مؤلفة في مصر، وكان ضمنها كتاب غاب عني اسمه الآن كان له أثراً عظيماً آنذاك، ومازالت أقرأ على الوالد حتى اقتنع وتغيرت بعده الوالدة أيضا وأعد ذلك من نعم الله علي أن كنت السبب في إنقاذهما من الخرافات والشركيّات ولله الحمد سبحانه.حادث في الصغر: وكان الحادث تعرضت له في الصغر اثر في تأثيراً ليس بالضرورة فكرياً، ولكنّي لمست نتائجه فيما بعد، إذ أصبت آنذاك، وكنت ألعب على صناديق كبيرة كانت لبعض السيارات، فقفزت من فوق إحداها على مسمار يبدو أنّه أحدث كسراً في العظم بالداخل، وتألمت لذلك ألماً شديداً وتعقّدت الأمور –وكنت حينئذ في السادسة من عمري- واستمر المرض إلى السنة التاسعة تقريباً، وكان ذلك في زمن الإنجليز، وعند أن عرضت على الطبيب قرر هذا أن تُقطع رجلي، فوافق الوالد لكن الوالدة رفضت وبحزم شديد، ثم ذهبت تستشير السيد علي الميرغني –وكانت ما تزال في الطائفة حينئذ- فأجابها قائلاً: نعم.. اسمعوا كلام الطبيب. وما كان يظن أحد أن أمي ستخالف رئيس الطائفة لكنها فعلت ورفضت قوله ذاك فقال لها الطبيب: إما أن تقطع رجله أو يموت فقالت: خلّيه يموت!!!.. يموت برجلين ولا يعيش بواحدة. فكان من نتائج ذلك أن تأخرت في الالتحاق بالدراسة، لكن هذا التأخير أفادني جداً، إذ جئت إلى الدراسة بعد ذلك بنهم شديد، فأنا ما كنت بدأت أصلاً، وعندما بدأت الدراسة كان زملائي في السنة الرابعة، وأنا في السنة الأولى، وكان لي أخ ضمنهم، وكنا قد ذهبنا سويّة إلى المدرسة فقُبل هو ولم أُقبل لصغر سني، فكان أخي هذا يمازحني بعد ذلك فيقول: احمد الله على هذا الحادث فلولاه ما دخلت الجامعة. وقد كانت المنافسة في الدخول إلى الثانوية كبيرة جدّاً آنذاك. إذ لم يكن في السودان وقتئذ غير ثلاث مدارس ثانوية فقط، فكان الدخول إلى أحدها في غاية الصعوبة .لكني أتيت إلى المدرسة في مرحلة نضج واجتهاد شديد، فكنت أذهب إلى الكتّاب باختياري إذ يوقظني الوالد لصلاة الفجر وأبقى في الكتّاب إلى السادسة، ثم أعود فأستعد للذهاب إلى المدرسة وعند رجوعي منها أذهب إلى الكتّاب مرة أخرى وبعد ذلك أنال شيئاً من الراحة، أعود بعدها إلى الكتّاب عند المغرب.
حلقات المساجد: بدأت بعد ذلك دروس كان يلقيها رجل سنّي، فكنت أذهب إليها، ومن الرسائل التي بدأت أقرأها مبكراً وأمارس حفظ بعض الأحاديث منها رسالة الأربعين النووية، ثم لما ذهبنا المدرسة المتوسطة كنت أحضر مع الوالد دروساً في السنة كان يلقيها رجل عالم بالسنة,تخرج بالأزهر وكان مشهوراً في بلدنا، يدرّس كتب السنة فقط، وفي هذه الفترة بدأت أقرأ بعض الرسائل الصغيرة لشيخ الإسلام ابن تيميه....
الشيخ جعفر إدريس: عندما انضممت إلى "الإخوان" كنت لا أقبل ما اعتقد أنه خطأ، وأسارع إلى نقده، ولم يكن هذا شيئاً محبباً عند البعض، وأذكر أن الأخوان كانوا يقرأون "المأثورات" وكان في بدايتها أن الذكر الجماعي لا بأس به، فرفضت ذلك، وأقنعت بعض إخواني الذين كانوا معي آنذاك وكنت أنتقد أشياء في ما كانوا يسمّونه "ورد الرابطة" وكان يُقرأ بعد المغرب، لذا فقد نفعني انتمائي إلى الاتجاه السني عند الانضمام إلى الحركة، وصار النقد عندي طابعاً، ومما كتبت في نقد بعض الظواهر في العمل الإسلامي، رسالة موجودة في كتابي "نظرات في منهج العمل الإسلامي" حيث شاع عند الأخوان، والظن عند بعض الجماعات أيضاً اعتقاد أن جماعتهم هي جماعة المسلمين، وأن الذي يخرج خارج على الجماعة، فانتقدت ذلك، وقلت أننا جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين وأنه ليس في الإسلام شيئاً اسمه الالتزام الفكري بقرارات التنظيم، وقد ناقشت الشيخ المودودي في ذلك وكنت التقيت به في لندن، كما التقيت بغيره من الدعاة من الباكستان وتونس والمغرب والجزائر خاصة بعد ذهابي إلى السعودية، لذلك أظن أن المعيار النقدي هذا هو الذي جعلني أكشف الترابي في وقت مبكر.
العصر: هل تتذكرون ما دار بينكم وبين الشيخ المودودي؟ الشيخ جعفر إدريس: نعم لا أزال أذكر بعض ما دار بيننا، مثلاً كان ينتقد حركة "الأخوان" قائلاً: أنتم في العالم الإسلامي جماعات مستقلة لكنكم كلكم تطلقون على أنفسكم "الأخوان المسلمون" بينما ينبغي أن يكون عكس ذلك، أن تكونوا جماعة واحدة لكن بأسماء مختلفة حتى لا يؤخذ بعضكم بجريرة البعض الآخر. وتناقشنا في مسألة الالتزام بالتنظيم فقلت له: أنا لا أعلم في الدين أن الإنسان يلتزم برأي الجماعة، لكن يلتزم بالعمل، فالحاكم مثلاً إذا أمرني بشيء أخالفه الرأي فيه أعمله ما دام لا يخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، لكن ليس من حق الحاكم أ ن يقول أذهب إلى الناس وأخبرهم أن هذا هو الرأي الصحيح. فأجابني: أننا إذا لم نلتزم تصير الأمور فوضى، فقلت له: لا يحدث ذلك إذا نحن ربينا الناس على العمل سوية وإن اختلفت الآراء، لكن ما حدث هو أننا أدخلنا إلى أذهان الناس أن من خالف رأي الجماعة منشق عنها فكان ما نراه اليوم من أوضاع مؤسفة. ولقد كنت أقول لبعض الأخوان هذه صحيفتنا لماذا لا ننتقد أنفسنا بأنفسنا، فالصحابة كانوا ينتقدون بعضهم البعض وكانوا أخواناً متحابين. ثم في الأخير شرح لي الشيخ نظامهم ووجدته أقرب شيء إلى الصورة المثالية فقد قال لي: نحن لا نصدر كثيراً من القرارات، إلا في مسائل مهمة جداً، وما عدى ذلك فالناس أحرار، وإذا اجتمعنا لا أكاد أذكر أننا مرَّرنا شيئاً بالأغلبية، ولكن حتى إذا خالف البعض أرجأنا الاجتماع حتى نقنعهم فقلت له نفرض أنكم كلكم أتفقتم وأنا في باكستان الغربية، وكانت باكستان آنذاك شرقية وغربية قبل الانفصال. فقال لي: تكون فوضى فأجبته بالنفي فأنا ألتزم بالعمل، فمثلاً قلتم أن المرأة تدخل البرلمان أو لا تدخل وأنا رأيي مخالف، فإذا كنت أرى أنها مسألة اجتهادية أوافق من الناحية العملية لكن إذا سألت أجيب بما أراه، وما زالت أرى أن هذه واحدة من آفات التنظيمات الإسلامية المعاصرة، وهذا شيء أخذناه –للأسف- من أسوأ الحركات الغربية وهي الشيوعية فالحركة الشيوعية تنظر إلى قرار الحزب أنه قرار باسم الشيوعية فمن يخالفه يخالف الفكر الشيوعي ونحن ليس لدينا شيئاً من هذا، عندنا الكتاب والسنة والإجماع، إذاً فالذي يخالف في التنظيم لا يخالف هذه الأصول بل يخالف رأي التنظيم لا غير. وقد ألقيت محاضرة ضمنتها ما ذكرته سابقا، ونشرت وهي نفس الرسالة التي أشرت إليها سابقاً، وبعد انتهائي من المحاضرة أتاني شاب في اليوم التالي وقال لي أنه من حركة أخرى، لكنه وجد كل العيوب التي ذكرتها في المحاضرة موجودة في حركته، فكان هذا شيئاً مخيفاً لا يطمئن بالنسبة لي. لذلك نحن مازلنا بحاجة إلى أسلمة الفكر التنظيمي، مثلاً كيف يختار القائد وما مدى مسؤولياته وصلاحياته، وما مقدار التزاماته وحريته في التنظيم.
العصر: بما أن الشيء بالشيء يذكر نسألكم عن رجل عرفتموه، وعلمتم عيوبه في وقت مبكر، وانتقدتموه مبينين أخطاءه هذا هو الدكتور حسن الترابي ماذا لدى الشيخ جعفر عن هذا الرجل؟ الشيخ جعفر إدريس: ذهبت والترابي إلى نفس المدرسة وكنا نسكن في نفس الداخلية (سكن الطلاب)، وكان الترابي أمامي في الدراسة سنتين، ولم يكن معنا في الجماعة آنذاك، وعندما كنت في السنة الأولى بالجامعة سمعنا أنه انضم إلى الجماعة وفرحنا بذلك، ثم عرفته عن قرب وصحبته في الجامعة، لكني بدأت ألمس فيه عيوباً في الفكر والسلوك، والبعض يظن أن دافع نقدي له هوا لتنافس، ولكني لاحظت عليه ذلك وأنا مسؤول عن التنظيم ولم يكن هو آنذاك شيئاً يذكر، وانتقدته وقتها ولم تكن بيننا أي منافسة. ورغم تحفظاتي التي في قلبي عليه فقد تعاونت معه بعد أن صار مسؤولاً وكنت اسمع منه فلتات فمثلاً في وقت مبكر جداً كان يكره أهل السنة ويشمئز من ذكر البخاري وابن كثير وغيرهما، وليس عنده توقير للصحابة وقد قلت لبعض إخواننا الذين إذا انتقد أحداً رماه بالاعتزال، قلت لهم لا تظلموا المعتزلة فهؤلاء كانوا عبّاداً ومخلصين، وكان ما يدعون إليه فكراً بالنسبة لهم وكان دافعهم إليه حسناً وهو اعتقاد تنزيه الله سبحانه فكثير ممن يسمّى اليوم معتزلة لو رآهم المعتزلة لتبرّأوا منهم، أو يقول لك أشعري حتى الأشاعرة لم يكونوا كذلك، لذا أقول أن هؤلاء أقرب إلى ما يسمّى بالزنادقة أو الفلاسفة الذين لم يكونوا متدينين ولا أقول عقلانيين فقد تتبعت آيات القرآن الكريم التي ورد فيها ذكر العقل فما وجدت الله سبحانه يذم فيها العقل بل يجعل الله العقل مع الإيمان وعدم العقل مع الكفر، وأهل الأهواء يختلفون فمنهم صاحب هوى في الاعتقاد ومنهم في السلوك، ومنهم من جمع بين الأمرين.
العصر: بعد هذا العمر المديد –بارك الله في عمر شيخنا- هلاَّ استعرض لنا الشيخ جعفر خلاصة التجربة الطويلة يفيد بها أجيالاً تنشد إرشاد أصحاب التجارب والخبرات أمثالكم؟ الشيخ جعفر إدريس: أولاً كما قلت لك أنّنا بحاجة إلى أسلمة الفكر التنظيمي. ثانيا: أنّني وجدت أنّ من أكبر مشكلات الحركة الإسلامية غياب قيادة العلماء لها، لذلك أقول دائماً ويستغرب البعض من قولي ذلك: أنني استفدت من الشيخ ابن باز الكثير حتى في الجانب السياسي وموقفي من الحكومات ما لم استفده من كتب الحركة الإسلامية، وأقول لك كيف؟ فقد تأتي الفائدة أثناء شرح لحديث ما، وصرت أكثر مرونة، فمثلا أذكر أنه مرة أثناء حديثه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: أن من أكبر وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الاتصال بالحكومات ولو كانت كافرة، فاستغرب الناس من ذلك، فضرب لهم مثلا أنك إذا أردت إدخال مادة الدين الإسلامي في المدارس في بريطانيا، كيف سيتم لك ذلك إلا بالاتصال بالحكومة هناك، واستفدت منه أن الإنسان لا يكون معارضاً طوال الوقت، بل يقف مع الشيء الحسن ولو كانت الحكومة منحرفة وهذا يلين قلب الحكام ويشعرهم أن المعارضة ليست همك دائماً. ثالثا: وهذا شيء يحزن النفس ويحز في القلب، أنني وجدت الجماعات الإسلامية كلها تقريباً ابتلت بالتدهور في الأخلاق، فحسن الخلق شيء تتوقعه من العامي فضلاً عمّن يمثل الإسلام، وسوء الخلق داء انتشر وللأسف في أوساط الجماعات الإسلامية فتجد منهم من يكذب ويغش بكل سهولة، وغياب الإنصاف عند بعضهم فهذا شيء لا بد من معالجته وتذكير الناس بأنّ العمل الإسلامي عبادة أساسها الخلق، وأن الهدف منه إنقاذ النفس والمجتمع، وليس تغيير المجتمع فحسب، وأن مبدأ الشيوعية في أن المعتبر في الأخلاق هو ما ساعد على تقدم الحزب بغض النظر عن سوءه شيء مرفوض في الإسلام. رابعا: ضرورة الطاعة مع النقد، فالجماعات تهتم بالطاعة وتغفل النقد، والطاعة ضرورة فيما وافق الدين لأجل التنظيم ,لكنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي أمر بالطاعة بايعه الصحابة أيضاً على قول الحق لا يخشون في ذلك لومة لائم. إذاً ففي غياب النقد تحضر الديكتاتورية والتسلّط . وأن يكون هناك تسامح بين الحركات اٌلإٌسلامية وإلا لكانت هذه الحركات كالشيوعية فالشيوعية تضيق بالمفكرين، وقد قارن أحد الغربيين بينها وبين الكاثوليكية إذ خرج منها كثير من المفكرين لغياب التسامح، وقد ابتلت بعض الحركات الإسلامية بهذا كما حصل عندنا في السودان في عهد الترابي حيث اعتبرت الحركة هي الترابي مما جعل الكثيرين يخرجون وإن لم يحدثوا ضجة كما فعلت أنا. وأحب أن يكون لنا معرفة أكثر بالغرب، لأنه مؤثر في السياسة العالمية اليوم، وصورتنا عند الغرب مشوّهة، والعالم اليوم صار كما يقولون قرية صغيرة لذلك كله لا بدّ من زيادة معرفتنا بالغرب والمشاركة في القضايا العالمية حتى تُعرف مشاركة المسلمين في ذلك وجزء من هذا العبء يتحمله الذين في الغرب من المسلمين. لذلك أقول دائماً أن الكثير من الكتب الإسلامية المؤلفة للغربيين بلغتهم هي للمبتدئين، ويمكن أن أكبر كتاب ظهر لأحد الإسلاميين بشكل أكاديمي مؤخراً هو كتاب زرابوزو في شرح الأربعين النووية، لذلك يلزمنا كمسلمين أن نشارك في القضايا التي يواجهها الشعب الأمريكي إذ أن هذا شكل من أشكال الدعوة إلى الإسلام، كالكلام على مشاكل المخدرات والإجهاض والعولمة والمشاكل الاقتصادية وغيرها من قضايا المجتمع الغربي حتى يظهر لدينا مفكرون معروفون للمجتمع الغربي
4* توبة الشيخ محمد جميل زينو من ضلالات الصوفية إلى نور العقيدة السلفية الشيخ محمد جميل زينو-حفظه الله- عرفناهُ من خلالِ مؤلفاتهِ النافعة التي تُعنى بنشرِ العقيدة السلفيّة النقية،وبيانها بأسلوبٍ واضحٍ بسيط،وقد نفع الله بهذه المؤلفات،وهدى بها من الضلالةِ بإذنهِ ... وللشيخ قصّتهُ مع الهدايةِ إلى هذه العقيدةِ الصحيحةِ،وقد رواها بنفسهِ،[في كتابهِ كيف اهتديت] وقد أطال في ذكرِ قصتهِ والتعليقِ على أحداثها،وقد ذكرتها باختصار وصرّف يسير. قال:
ولدتُ في مدينةِ حلب بسورية،ولما بلغت العاشرة من عمري التحقتُ بمدرسة خاصة تعلمت فيها القراءة والكتابة،ثم التحقت بمدرسة دار الحفّاظ لمدّة خمس سنين حفظتُ خلالها القرآن الكريم كاملاً ولله الحمد،ثم التحقت بما يسمى آنذاك بالكلية الشرعية التجهيزية –وهي الآن الثانوية الشرعية- وهي تابعة للأوقافِ الإسلامية،وهذه المدرسة تجمع بين تدريس العلوم الشرعية والعصرية.
وأذكر أنّني درست فيها علم التوحيد في كتاب اسمه: "الحصون الحميدية" ،والذي يقرّر فيه مؤلفهُ توحيد الربوبية،وأن لهذا العالم رباً وخالاً! وتبين لي في ما بعد خطأ هذا المنهج في تقرير العقيدة،فإن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ..}،بل إن الشيطان الذي لعنه الله كان مقراً بذلك، {قال رب بما أغويتني ..}،أما توحيد الإله الذي هو الأساس والذي به ينجو المسلم،فلم أدرسه ولا كنت أعلم عنهُ شيئاً.
كنت نقشبندياً:
لقد كنت منذ الصغر أحضر الدروس وحلقات الذكرِ في المساجد،وقد شاهدني شيخ الطريقة النقشبندية فأخذني إلى زاوية المسجد،وبدأ يعطيني أوراد الطريقة النقشبندية؛ولكن لصغر سني لم أستطع أن أقوم بها،لكني كنت أحضر مجالسهم مع أقاربي في الزوايا،وأستمع إلى ما يردّدونهُ من أناشيد وقصائد،وحينما يأتي ذكر اسم الشيخ كانوا يصيحون بصوتٍ مرتفعٍ،فيزعجني هذا الصوت المفاجئ،ويسبب لي الرعب والهلع،وعندما تقدمت بي السن بدأ قريب لي يأخذني إلى مسجدِ الحيّ لأحضر معه ما يسمى بالختمِ،فكنا نجلسُ على شكلِ حلقةٍ فيقوم أحد الشيوخ ويوزع علينا الحصى،ويقول: "الفاتحة الشريفة،الإخلاص الشريف" ،فنقرأ بعدد الحصى سورة الفاتحة والإخلاص،والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصيغةِ التي يحفظونها،ويجعلون ذلك آخر ذكرهم.ثم يقول الشيخ ذكرهم،لأن الشيخ –بزعمهم- هو الذي يربطهم بالله؛فيهمهمون،ويصيحون،ويعتريهم الخشوع،حتى إن أحدهم ليقفز فوق رؤوس الحاضرين كأنّه البهلوان من شدّة الوجد ... إلى آخر ما كانوا يفعلونهُ من البدعِ المحدثةِ التي ما أنزل الله بها من سلطان.
كيـف اهتديت إلى التوحيد؟ كُنتُ أقرأ على شيخي الصوفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما،وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا سألتَ فاسألِ الله،وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله)) . فأعجبني شرح النووي حين قال: "ثم إن كانت الحاجة التي يسألها،لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه،كطلبِ الهداية والعلم .. وشفـاء المرض وحصول العافية سأل ربه ذلك.وأما سؤال الخلق والاعتمـاد عليهم فمذموم".
فقلت للشيخ: هذا الحديث وشرحه يُفيدان عدم جواز الاستعــانة بغير الله فيما لا يقدر عليهِ إلا الله.
فقال لي: بل تجوز!!
قلت: وما الدليل؟
فغضب الشيخ وصاح قائلاً: إن عَمتي تقول يا شيخ سعد (وهو من الأولياء المزعومين الأموات) ،فأقول لها: يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول:أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!!
فقلت لهُ: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب،ثُم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة!!
فقال لي: عندك أفكـار وهابية! (نسبة إلى الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله)
وكُنتُ لا أعرف شيئاً عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ:فيقولون عنهم:إنهم مخالفون للناس،لا يؤمنون بالأوليــاء وكراماتهم المزعومة،ولا يحبون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. إلى غير ذلك من التهم الكثيرة الكاذبة التي لا حقيقة لها.
فقلت في نفسي: إذا كانت الوهابية تؤمن بالاستعــانة بالله وحده،وأن الشافي هو الله وحده،فيجب أن أتعرّف عليها.
وبحثت عن هذه الجماعة،فاهتديت إليها.كان لهم لقاء مساء كل خميس يتدارسون فيه التفسير والفقه والحديث ،فذهبت إليهم بصحبةِ أولادي وبعض الشبــاب المثقّف .. فدخلنا غرفة كبيرة .. وجلسنا ننتظر الدرس .. وبعد برهة من الزمن دخل الشيخ،فسلَّم علينا،ثم جلس على مقعده،ولم يقم لهُ أحد؛فقلتُ في نفسي:هذا الشيخ مُتواضعٌ،لا يُحِب القيام.
بدأ الشيخ درسه بقوله: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. إلى آخرِ الخطبة التي كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفتتح بها خطبه ودروسه ،ثم بدأ يتكلم باللغة العربية الفصحى،ويورد الأحــاديث،ويبين صحتها وراويها،ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلما ذكر اسمه.وفي ختامِ الدرسِ وجهت لهُ الأسئلة؛فكان يُجيبُ عليها بالدليل من القرآن والسنة،ويناقش بعض الحاضرين فلا يرد سائلاً أو متكلماً،ثم قال في آخر درسه:الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون،وبعض الناس يقولون: إننا وهابيون،فهذا تنابز بالألقاب،وقد نهانا الله عن هذا بقوله: {ولا تنابزوا بالألقابِ} .
ولما انتهى الشيخ من درسهِ، خرجنــا ونحن مُعجبين بعلمهِ وتواضعهِ،وسمعت أحد الشبابِ يقول: هذا هو الشيخ الحقيقي.
ومن هنا بدأت رحلتي إلى التوحيدِ الخالصِ،والدعوةِ إليهِ،ونشرهِ بين الناس اقتداء بسيدِ البشرِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.وإني لأحمد الله –عز وجل- الذي هداني لهذا،وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله،والحمد لله أولاً وآخراً.
نقل هذا الأستاذ محمد المسند في كتابهِ العائدون إلى الله 6 .
5* هذه هي الصوفية بقلم أحد المتصوفة الذين رأوا الحق فاتبعوا السنة إن هذه الطرق الصوفية المنتشرة في الناس اليوم تروج الكفر والوثنية والدجل وتعمل جاهدة لتأليه الدجالين واعتصار دمــاء الجماهير لتتضخم جيوب شيوخها أولياء الشيطان وتنشر في الناس ظلمات الجاهلية الأولى وتحارب الله ورسوله وتهيء الأمة الإسلامية بهذه الجاهلية العمياء وهذه التقاليد الخرافية وهذه الغباوة البهيمية لتكون لقمة سهلة الهضم للأعداء،هذه الطرق الصوفية هي المعول الذي هدم به اليهود والفرس صرح الإسلام،هذه الطرق الصوفية هي اليد الأثيمة التي مزقت رقعة الدولة الإسلامية،وشيوخ الطرق الصوفية هم الذين يمكنون المستعمرين في مراكش وتونس والجزائر والهند وفي السودان وفي مصر وفي كل مكان من البلاد الإسلامية وهم سماسرة المستعمر وخدمه المخلصون في خدمته إذلال المسلمين واستغلالهم. ولقد كُنتُ واحداً منهم وعرفت دخائل أمورهم وخبايا زواياهم وسيء مكرهم وخبث قصدهم،فالحمد لله الذي أنقذني وهداني إلى الإسلام الحق الذي بعث الله به رسله ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور،وإني بكيدهم وكفرهم ووثنيتهم أعرف،ولذلك أنا أشد حرباً عليهم ولا أزال حرباً عليهم ما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة مُستعيناً بربي وحده،متأسياً بالرسولِ الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم صابراً على كل ما يكيد به أعــداء أنفسهم من حزبِ الشيطان،أعداء الرحمن مؤمناً بأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
مُقتطف من جُملة أحاديث للمُهتدي إلى مُعتقدِ أهل السنة والجماعة بعد تركه لضلالات المبتدعة أصحاب الطُرق الصوفية.. الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله. مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر. وأحد العُلماء المحققين الأثبات. من كتاب: جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر.
6* عبدالمنعم الجداوي اعترافات .. كنت قبوريًا للأستاذ : عبد المنعم الجداوي
((الخرافة )) عجوز متصابية تتعلق بصاحبها ... ! (( التوحيد )) يهدم أولاً .. ثم يبني من جديد ..! ليس سهلاً أن يتراجع (( القبوري)) ..! (( التوحيد )) يحتاج إلى إرادة واعية ... ! تردّدت كثيراً في كتابة هذه الاعترافات لأكثر من سبب .. ثم أقدمت على كتابتها لأكثر من سبب ، وأسباب الإحجام والإقدام واحدة .. فقد خشيت أن يقرأ العنوان بعض القراء ثم يقولون : ما لنا ولتخريف أحد معظِّمي القبور .. ولكن قد يكون بعض القراء في المنطقة النفسية التي كنت أعيشهـا قبل تصحيـح عقيدتي .. فيقرأون اعترافاتي فيفهمون ، ويعبرون من ظلمة الخرافات إلى نور العقيدة - وفي ذلك وحده ما يقويني على الكشف عن ذاتي أمام الناس - ما دام ذلك سوف يكون سببـاً في هداية بعضهم إلى حقيـقة التوحيد .. ؟ ولقد كنت من كبار معظّمي القبور ، فلا أكاد أزور مدينة بها أي قبر أو ضريح لشيخ عظيم إلا وأهرع فوراً للطواف به ... سواء كنت أعرف كراماته أو لا أعرفها .. أحياناً أخترع لهم كرامات ... أو أتصورها .. أو أتخيلها.. فإذا نجح ابني هذا العام .. كان ذلك للمبلغ الكبير الذي دفعته في صندوق النذور ..وإذا شُفيت زوجتي ، كان ذلك للسمنة التي كان عليها الخروف الـذي ذبحته للشيخ العظيم فلان ولي الله !.. وحينما التقيت بالدكتور جميل غازي ، وكان اللقاء لعمل مجلة إسلامية تقوم بالإعلان والنشر عن جمعية العزيز بالله القاهرية ، والتي تضم مساجد أخرى ، ورسالتها الأولى ((التوحيد ))، وتصحيح العقيدة ، وبحكم اللقاءات المتكررة .. كان لابد من صـلاة الجمعة في مسجـد العزيز بالله .. وهاجم (( الدكتور جميل )) في بساطة ، وبعقلانية شديدة هذا المنحنى المخيف في العقيدة ، وسماه : شركاً بالله ؛ وذلك لأن العبد في غفلة من عقله يطلب المدد والعون من مخلوق ميت!!.. أفزعني الهجوم ، وأفزعتني الحقيقة .. وما أفزع الحقيقة للغافلين ... ولو أن (( الدكتـور جميل )) اكتفى بذلك لهان الأمر .. لكنه في كل مرة يخطب لا بدّ أن يمس الموضوع بإصرار .. فالضّريح لا يضم سوى عبد ميت فقط .. بل قد يكون أحياناً خالياً حتى من العظام التي لا تنفع ولا تضرّ ..! * في أول الأمر اهتززت .. فقدت توازني .. كنت أعود إلى بيتي بعد صلاة كل جمعة حزيناً .. شيء ما يجثم فوق صدري .. يقيد أحاسيسي ومشاعري .. أحاول في مشقة أن أخرج عن هذا الخاطر ... هل كنت في ضلالة طوال هذه الأعوام ؟ ..أم أن صديقي (( الدكتور )) قد بالغ في الأمر .. فأنا أعتقد أن كل من نطق بالشهادة لا يمكن أن يكون كافراً لهفـوة من الهفوات أو زلةٍ من الزلات .. ! شيءآخر أشعل في فؤادي لهباً يأكل طمأنينتي في بطء ... إن الدكتور يضعني في مواجهة صريحة ضـد أصحاب الأضرحة الأولياء ، والخطباء على المنابر صباح مساء .. يعلنونها صريحة : إن الذي يؤذي ولياً .. فهو في حرب مع الله سبحانه وتعالى ، وهناك حديث صحيح في هذا المعنى .. وأنا لا أريد أن أدخـل في حرب ضد أصحاب القبور والأضرحة ؛ لأنني أعوذ بالله من أن أدخل في حرب معه - جل جلاله- ...! وقلت : إن أسلم وسيلة للدفاع هي الهجوم .. واستعدت قراءة بعض الصفحات من كتاب ((الغـزالي)) (( إحياء علوم الدين )) ، وصفحات أخرى من كتاب (( لطائف المنن ))(لابن عطاء الاسكندري )،وحفظت عن ظهر قلب الكرامات ، وأسماء أصحابها ، ومناسبات وقوعها ، وذهبت الجمعة الثانية ، وكظمت غيطي وأنا أستمع إلى الدكتور ، فلما انتهى من الدرس وأصرَّ على أن يدعوني لتناول طعام الغداء، وبعدالغداء .. تسلمته هجوماً بلا هوادة ، معتمداً على عاملين : الأول : هو أنني حفظت كمية لا بأس بها من الكرامات . والثاني : أنني على ثقة من أنه لن يتهور فيداعبني بكفيه الغليظتين ؛ لأنني في بيته ! وتناولت طعامه فأمنت غضبه ، وقلت له : والآتي هو المعنى ، وليس نص الحوار : (( إن الأولياء لا يدرك درجاتهم إلا من كان على درجتهم من الصفاء ، والشفافية ، وأنهم رجال أخلصوا لله .. فجعل لهم دون الناس ما خصهم به من آيات وأن .... وأن ... وأن .. وانتظر الدكتور حتى انتهيت من هجومي .. وأحسست أنه لن يجد ما يقوله .. وإذا به يقول : • هل تعتقد أن أي شيخ منهم كان أكرم على الله من رسوله ..؟ • قلت مذهولاً : لا .. -إذاً كيف يمشي بعضهم على الماء ... أو يطير في الهواء .. أو يقطف ثمـار الجنـة وهو على الأرض .. ورسول الله لم يفعل ذلك .. ؟ كان يمكن أن يكون ذلك كافياً لإقناعي أو لتراجعي .. لكنه التعصب - قاتله الله - !! كَبُرَ عليّ أن أسلّم بهذه البساطة ، كيف ألقي ثقافة إسلامية عمرها في حياتي أكثر من ثلاثين عاماً .. قد تكون مغلوطة .. غير أني فهمتها على أنها الحقيقة ، ولا حقيقة سواها !! *وعدت أقرأ من جديد في الكتب التي تملأ مكتبتي .. وأعود إلى (( الدكتور )) ، ويستمر الحوار بيننا إلى ساعة متأخرة من الليل - فقد كنتُ من كبـار عشاق الصوفية .. لمـاذا ؟ لأني أحب أشعارهم وأحبّ موسيقاهم ، وألحـانهم التي هي مزيج من التراث الشعبي ، وخليط من ألحان قديمـة متنوعة ... شرقية ، وفارسية ، ومملوكية ، وطبلة إفريقية أحياناً تدقّ وحدها .. أو ناي مصري حزين ينفرد بالأنين ، مع بعض أشعارهم التي تتحدث عن لقاء الحبيب بمحبوبه وقت السَّحر ..! لهذا وللأسباب الأخرى .. أحببت الصوفية .. وكنت أعشقها ، وأحفظ عن ظهر قلب الكثير من شعر أقطابها ..لاسيما (( ابن الفارض ))، وكل حجـتي التي أبسطها في معارضة (( الدكتور )) ، أنه وأمثاله من الذين يدعون إلى (( التوحيد )) لا يريدون للدين روحاً ، وإنما يجردونه من الخيال ، وأنهم لا بد أن يصلوا إلى ما وصل إليه أصحاب الكرامات ؛ لكي يدركوا ما هي الكرامات .. ! فلن يعرف الموج إلا من شاهد البحر ، ولا يعرف العشق إلا من كابد الحب - وهذا أسلوب صوفي - أيضاً - في الاستـدلال ، ولهم بيت شهير في هذا المعنى!. وحتى لا يضطرب وجداني ، وتتمزق مشاعري ... حاولت أن أنقطع عن لقاء (( الدكتور )) .. ولكنه لم يتركني .. فوجئت به يدق جرس الباب ، ولم أصدق عيني .. كان هو .. قـد جاء يسأل عني .. وتكلمنـا كالعادة كثيراً وطويلاً .. فلمـا سألني عن سبب عدم حضوري لصـلاة الجمعة معه ... قلت له بصراحة : - لقد يئست منك !.. قال : ولكني لم أيأس منك .. أنت فيك خير كثير للعقيدة . قلتُ : إنه يستدرجني على طريقته ، ولمحت معه كتاباً من وضعه عن سيرة الإمام (( محمد بن عبد الوهاب )) فقلت له : أعطني هذه النسخة .. هل يمكن ذلك ... ؟ قال : هذه النسخة بالذات ليست لك ، وسوف أعدك بواحدة . وهذه هي طريقته للإثارة دائماً .. لا يعطيني ما أطلب من أول مرة .. فخطفتُ النسخة ، ورفضت إعادتها له !.. * وبعد منتصف الليل بدأت القراءة .. وشدني الكتاب موضوعاً وأسلوباً .. فلم أنم حتى الصباح !.. كان الكتاب - على حجمه المتواضع - كالإعصار ، كالزلزال .. أخذني من نفسي ليضعني على حافة آفاق جديدة .. حكاية الشيخ (( محمد بن عبد الوهاب )) نفسه .. ثم قصة دعوته ، وما كابده من معاناة طويلة .. حينما كانت في صدره حنيناً ، وكلما قرأت صفحة وجدت قلبي مع السطور . فإذا أغلقت الكتاب لأمر من الأمور يتطلب التفكير أو البحث في كتب أخرى .. استشعـرت الذنب؛ لأنني تركـت الشيـخ في (( البصرة )) ولم أصبر حتى يعود .. أو تركته في بغداد يستعد للسفر إلى ( كردستان ) .. ولا بد أن أصـبر معه حتى يعود من غربته إلى بلده !.. يقول الدكتور في كتابه (( مجدد القرن الثاني عشر الهجري شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب )) . وبعد هذا التطواف والتجوال هل وجد ضالته المنشودة ..؟ لا ، فإن العـالم الإسلامي كله كان يعـاني نوبات قاسية من الجهل والانحطاط والتأخر .. عاد الرجل إلى بلده يحمل بين جوانحه ألماً ممضّاً ، لما أصـاب المسلمين من انتكاس وتقهقر في كل مناحي حياتهم . عاد إلى بلده وفي ذهنه فكرة تساوره بالليل والنهار . لماذا لا يدعو الناس إلى الله ؟ لماذا لا يذكرهم بهدي رسول الله .. ؟ لماذا ... لماذا ... إذًا ، فهذه العقيدة التي يريدها (( الدكتور)) لم تأت من فراغ ... فمنذ القرن الثاني عشر الهجري ... والإمام محمد بن عبد الوهاب ... يُفكّر ، ويقدّم ؛ لكي يهدم صروح الأضرحة ، ويحطّم شبح الخرافات ، ويُطارد المشعوذين الذين لطخوا وجه الشريعة السمحاء...بخزعبلاتهم التي اكتسبت مع الأيام قداسـة ، تخلع قلوب المؤمنين ... إذا فكروا في إزالتهاوفي ذلك يقول الكاتب : (( ماذا كان وقْع هذه الأعمـال على نفوس القوم ..)) . ويجيب المؤرخون على ما يرويه الأستاذ أحمد حسين في كتابه (( مشاهداتي في جـزيرة العرب )) (( إن القوم لم يقبلوا مشاركة الرجل فيما قام به من قطع الأشجار ، وهدم القباب ، بل تركوا له وحده أن يقوم بهذا العمل ، حتى إذا ما كان هناك شر أصابه وحده ..!)) . هل يكون ما يزلـزل كياني الآن هو الخوف الذي ورثتـه .. ؟ وهو نفس الذي جعل الناس في بلدة ( العُيَيْنة ) : موطن الشيخ ، يتركونه يزيل الأشجار ، وقبة قـبر ( زيد بن الخطاب ) بنفسه .. خوفاً من أن تصيبهم اللعنات المختلفة من كرامات هذه الأماكن وأصحابها . ومضيت أقرأ ومع كل صفحة أشعر أنني أخلع من جدار الوهم في أعمـاقي حجراً ضخماً .. وحينما بلغت منتصف الكتاب كانت فجوةً كبيرةً داخلي قد انفتحت ، وتسلل منها ومعها نور اليقين .. ولكن في زحمة الظلمة التي كانت تعشعش في داخلي .. كان الشعاع يُومض لحظة ويختفي لحظات ..! * لقد استطاع (( الدكتور )) أن ينتصر ... تركني أحارب نفسي بنفسي ، بل جعلـني أتابع مسـيرة التوحيد مع شيخها محمد بن عبد الوهاب ، وأشفق عليه من المؤامرات التي تحاك ضده ، وحوله، وكيف أنه حينما أقام الحد على المرأة التي زنت في ( العيينه )..غضب حاكم (( الإحساء )) ( سليمان بن محمد بن عبد العزيز الحميدي ) ، واستشعر الخطر من الدعوة الجديدة وصاحبها ... فكتب إلى حاكم العيينه (( ابن معمر )) يأمره بكتم أنفاسها ، وقتل المنادي بها ، والعودة فوراً إلى حظيرة الخرافات والخزعبلات . ولما كان (( ابن معمر )) قد ارتبط مع الشيخ في مصاهرة ... فقد زوجه ابنته ... فإنه تردد في قتله ، ولكنه دعاه إلى اجتماع مغلق ، وقرأ عليه رسالة حاكم (( الإحساء )) ثم رسم اليأس كله على ملامحـه ، وقال له : إنه لا يستطيع أن يعصي أمراً لحاكم (( الإحساء )) ، لأنه لا قِبَل له به .... ولعلها لحظة يأس كشفت للشيخ عن عدم إيمان (( ابن معمر )) ... ولم تزد الشيخ إلا إصرارًا على عقيدته ، وقوة توحيده .. فالحكام الطغاة لا يحاربون دائماً إلا داعيـة الحق .. وقبل الشيخ في غير عتاب أن يغادر ( العيـينة )..مهاجراً في سبيل الله بتوحيده .. باحثاً عن أرض جديدة يزرعه فيها !.. في الصباح استيقظتُ على ضجة في البيت غير عـادية .. واعتـدلت في فراشي ، ووصَلَتْ إلى أذني أصوات ليست آدمية خالصة ، ولا حيوانية خالصة .. ثغـاء ، وصيـاح ، وكلام ..غير مفهوم العبارات .. وقلت : لا بد أنني أعاني من بقية حلم ثقيل .. فتأكدت من يقظتي ، ولكن (( الثغاء )) هذه المرة اخترق طبلة أذني .. ودخلت عليّ زوجتي تحمل إليَّ أنباء سارةً جدًا ... وهي تتلخص في أن ابنة خالتي ـ التي تعيش في أقصى الصعيد ، ومعها زوجها ، وابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات ـ قد وصلوا في قطار الصعيد فجراً، ومعهم (( الخروف )) ...! وظننت أن زوجتي تداعبني .. أو أن ابنة خالتي - وكنت أعرف أن أولادها يموتون في السنوات الأولى -، قد أطلقت على طفل لها اسم ( خروف ) لكي يعيش مثلاً . وهي عادات معروفة في الصعيد . وقبل أن أتبين المسألة .. أحسست بمظاهرة من أولادي تقترب من باب حجـرة نومي .. وفجأة وبدون استئـذان اقتحم الباب (( خروف )) له فروة ، وقرون ، وأربعة أقدام ... واندفع في جنـون من مطاردة الأولاد له .. فحطّم ما اعترض طريقه .. ثم اتجه إلى المرآة ، وفي قفزة (( عنترية )) اعتدى على المرآة بنطحة قوية ، تداعت بعدها ، واحدثت أصواتاً عجيبة ، وهي تتحطم !.. تَمَّ كل ذلك في لحظـة سريعـة .. وقبل أن استرد أنفاسي ، وخيل إليّ أن بيتنـا انفتح على حديقة الحيوانات .. رغم أنني أسكن في العباسيـة ، والحديقـة في الجيزة .. ولكن وجدت نفسي أقفز من على السرير ، وخشيت زوجتي ثورة (( الخروف )) ، وتضاءلت فانزوت في ركن .. ترمقني بعينيها ، وتشجعني لكي أتصدى لهذا الحيوان المجنون .. الذي اقتحم علينا خلوتنا .. ولكن الصوت والزجاج المتناثر زاد من صياج الحيوان .. ولمحت في عينيه ، وفي قرنيه الموت الزؤام .. واستعدت في ذهني كل حركات مصارعي الثيران ، وأمسكت بملاءة السرير ، وقبل أن أجرب رشاقتي في الصراع مع (( الخروف )) دخلت ابنة خالتي وهي في حالة انزعاج كامل .. فقد خيل لها أنني سوف أقتله ... وصاحـت - وهي على يقـين من أنني سأصرع : - حاسب ، هذا خروف (( السيد البدوي)) . ونادته فتقدّم إليها في دلال ، وكأنه الطفـل المدلّل .. فأمسكت به تُربتُ على رأسه ، وروت لي أنها قدمتْ من الصعيد ، ومعها هذا الخروف البكر الرشيق الذي انفقت في تربيته ثلاثة أعوام هي عمر ابنها؛ لأنها نذرت للسيد البدوي إذا عاش ابنها .. أن تذبح على أعتابه (( خروفاً )) ، وبعد غد يبدأ العام الثالث موعد النذر !.. * كانت تقول كل هذه العبارات وهي سعيدة .. وخرجت إلى الصالة لأجد زوجها ، وهو في ابتهـاج عظيم .. يطلب مني أن أرافقهم إلى (( طنطا )) .. لكي أرى هذا المهرجان العظيم ؛ لأنهم نظراً لبعد المسافة اكتفوا بالخروف .. فأما الذي على مقربة من (( السيد البدوي )) فإنهم يبعثون بِجِمال .. وأصبح عليّ أن أجامل ابنة خالتي لكي يعيش ابنها ، وإلا اعتُبرت قاطعاً للرحم ... لا يهمني أن يعيش ابن خالتي أو يموت، ولا بد أن أذهب معهم إلى مهرجان الشرك ، وفي نفس الوقت كنت أسأل نفسي .. كيف أقنعها بأنهـا في طريقها إلى الكفر .. ؟ وماذا سيحدث حينما أحطم لها الحلم الجميل الذي تعيش فيه منذ ثلاث سنوات ... ؟ وقلت : أبدأ بزوجها أولاً ؛ لأن الرجال قوامون على النساء .. وأخذت الـزوج إلى زاوية في البـيت ، وتعمدت أن يرى في يدي كتاب : (( الإمام محمد بن عبد الوهاب )) .. ومدّ يده فجعل الغـلاف في ناحيته ، وما كاد يقرأ العنوان حتى قفز كأنه أمسك بجمرة نار!.. قرأ زوج ابنة خالتي عنوان الكتاب - الذي يقول : إن في الصفحات قصة (( الشيخ محمـد بن عبد الوهاب )) ودعوته - وهتف صارخاً : ما هذا الذي أقرؤه ...؟ وكيف وصلني هذا الكتاب ..؟ لا بد أن أحدهم دسه عليَّ !!.. فهو يعرف أنني رجل متزن ... أحرص على ديـني ، وعلى زيارة الأضرحة ، وتقديم الشموع ، والنذور ، وأحياناً القرابين المذبوحة والحية ، كما يفعل هو تماماً .. ورأيت في عينيه نظرة رثاء... إلى ما رماني به القدر في تلك النسخة ... وكان عليَّ أن أقف منه موقف الدكتور جميل غازي مني سابقاً .. وشاء الله أن يكون ذلك بمثابة الامتحان لي .. وهل في استطـاعتي أن أطبق ما قـرأت أم لا .. ؟ وهـل استوعبت عن يقين ما قرأت أم لا .. ؟ والأهم من ذلك هو مدى إصراري على عقيدتي وإقناع الآخرين بها - أيضاً - ، فالذي لا يؤثر في المحيط الذي يعيش فيه .. هو صاحب عقيدة سلبـية ... غير إيجابيـة .. فليس من المعقول في شيء .. أن أطوي (( توحيدي )) على نفسي ، وأترك الآخرين يعيشون في ضلالة ؛ لأنهم بعد فترة سوف يغرقونني في خرافاتهم .. وعليه فلا بد أن أجـادلهم بالتي هي أحسن .. لا أتركهم يشعرون أن الأمر هينّ .. لا بد أن أنفرهم من شركهم .. وهم لا بد أن يتراجعوا ؛ لأن (( الخـرافة )) - نظراً لأنها تقوم على ضلالات هشة - لا يكاد الشك يدخلها حتى يهدمها .. والحق في تعقبها إذا كان لحوحاً .. قضى عليها ... أو على أقل تقدير أوقف نموها حتى لا تصيب الآخرين .. ومن أجل ذلك كله قررت أن أتوكل على الله ، وأبدأ الشرح للرجل ... ولم تكن المهمة سهلة .. فلا بد أولاً أن أطمئنه ، وأزيل ما بينه وبين سيرة الشيخ (( محمد بن عبد الوهاب )) .. ثم ما ترسّب في ذهنه من زمن عن ( الوهابية والوهابيين ) .. ففي أول الحديث.. اتهم (( الوهاب (( بعدد من الاتهامات يعلم الله أن دعوة (( التوحيد )) بريئة منها .... براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام !.. ورحت أحاول في حماس شديد .. أشرح له سر حملات الكراهية ، والبغضاء التي يشنها البعض على دعوة (( التوحيد )) .. وكيف أنها أحيت شعائر الشريعة ، وأصول العبادات ، وفي ذلك القضاء على محترفي الدّجل ، وحراس المقابر ، وسدنة الأضرحة ، والذين يُكدّسون الأموال عاماً بعد عام .. من بيع البركات ، وتوزيع الحسنات على طلاب المقاعد في الجنة .. فالمقاعد محدودة والوقت قد أزف ..! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..! ولمحت على ملامحه بعض سمـات الخير .. نظر في دهشة .. كأنه يفيق من غيبوبة ... ورغم ذلك فقد راح يتشنج ، ويدافع عن أهل الله الذين ينامون في قبورهم لكن يتحكمون بأرواحهم في بقية الكـون ، وأنهـم يدعون كل ليلة جمعة للاجتماع عند قطب من الأقطاب ... وحتى النساء من الشهيرات يلتقين - أيضـاً - مع الرجال الأقطاب ، وينظرون في شؤون الكون ...! * ولم أكن أطمع في زحزحته | |
|