أنيس رحماني: "موقف الجزائر من عائلة القذافي إنساني، وليس موجها ضد الشعب الليبي"
الأستاذ أنيس رحماني، مدير تحرير صحيفة "النهار الجديد"، يعلق
على التوتر المضطرد في العلاقة بين الجزائر والثوار الليبيين خاصة بعد لجوء
قسم من عائلة القذافي إلى الجزائر.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] (نص)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] هل الأزمة بين الجزائر وليبيا مرشحة للتصعيد على خلفية إيواء الجزائر لقسم من عائلة القذافي ؟ سمحت الجزائر بدخول أفراد من عائلة
القذافي على اعتبار أنّ هناك حالات إنسانية يتوجب معالجتها بسرعة، حيث كان
هؤلاء الأفراد في منطقة صحراوية معزولة على مقربة من الحدود الجزائرية.
بالتالي إن السماح لأفراد من عائلة
القذافي باللجوء إلى الجزائر هو في إطار إنساني، ولا يعني اتخاذ موقف ضد
الشعب الليبي في أي حال من الأحوال.
قبل أيام تم الإعلان عن عودة سفير
الجزائر في طرابلس إلى ليبيا. هناك عدة مؤشرات تدل على نوع من التوتر بين
المجلس الانتقالي الليبي والسلطات الجزائرية. السلطات الجزائرية تعتبر المجلس الانتقالي
الليبي مجرد مجلس انتقالي غير منتخب، ولا يمثل بالضرورة توجّه الشعب
الليبي. لكن رغم ذلك تعاملت الجزائر مع هذا المجلس منذ شهر مارس/ آذار
الماضي عبر قنوات اتصال متعددة.
وقامت الجزائر قبل أيام بسحب أفراد عائلات
الدبلوماسيين الجزائريين في ليبيا. والآن هناك مجموعة من الممثلين
الجزائريين في طرابلس يتولون كلّ على مستواه الإدارة والسهر على مصالح
الرعايا الجزائريين في ليبيا، والتنسيق مع الجهات المحلية في حال حصول
تجاوزات، مثلما حدث قبل أسبوع عندما تم الاعتداء على السفارة الجزائرية
وتخريبها في طرابلس.
بالتالي، لا يمكن القول أن العلاقات مع
المجلس الانتقالي متوترة، لكن الجزائر تضع مسافة سياسية معه باعتبار أنه
غير منتخَب، هو مجلس ربما ساهم بعملية الإطاحة بالزعيم الليبي معمر
القذافي.
تبقى العلاقة الجزائرية مع المجلس
الانتقالي الليبي سياسية بالدرجة الأولى. هناك طبعاً قنوات اتصال دبلوماسي
مع المجلس، لكن الجزائر لا تنوي الدخول في أي مواجهة أو حرب معه.
على العكس من ذلك، وجّه أفراد المجلس
اتهامات إلى الجزائر أكثر من مرة، من بينها أن هناك مرتزقة جزائريين في
صفوف كتائب القذافي، ولحد الساعة لم يثبت وجود جزائري واحد في صفوف هذه
الكتائب.
بالتالي، هذه المزاعم التي لفقها المجلس
الانتقالي كانت مسيئة للجزائر ولدورها الإقليمي، وكل ما نسُبَ للجزائر من
إساءات تبين أنه لم يكن سوى إساءة مجانية لها.
معظم المراقبين مقتنعون أن هناك تغيراً
على المستوى الاستراتيجي إقليمياً في المنطقة مع سقوط نظام القذافي. في
نظرك، أنتَ المتابع للسياسة الخارجية الجزائرية، كيف تتلمس الجزائر
مستقبلاً العلاقة في ظل ما يحدث الآن في ليبيا ؟ الجزائر قوة إقليمية كبيرة يتوجب على
القائمين على شؤون إدارة ليبيا، سواء الانتقاليين أو الذين يذكّيهم الشعب
لإدارة شؤونه في المرحلة المقبلة، مراعاة هذه الحقيقة والنظر على أن
الجزائر تريد أن تبني علاقات دائمة ومصالح وعلاقات جوار مع الدول التي
تقدّر قيمتها ومواقفها الدبلوماسية.
لحد الساعة لا تزال الجزائر تحافظ على
الحياد إزاء الشأن الداخلي في ليبيا، لكن هناك نوع من القلق والخوف ربما من
وجود بعض الناشطين ضمن تنظيم
القاعدة " على رأس الهيئات المسلحة للثوار الليبيين مثل عبد الحكيم بلحاج.
وهذا التخوف مشروع، حتى أن رئيس المجلس
الانتقالي مصطفى عبد الجليل يشير بوضوح إلى وجود انحرافات ونوع من التمرد
غير المعلن على توصيات وتعليمات المجلس الانتقالي، وما حدوث عمليات انتقام
في طرابلس الآن، إلاّ دليل على ذلك.
والحذر الجزائري مشروع، فالجزائر لا تريد
أن تكون ليبيا مجرد فضاء غير مستقر وغير آمن، بل تريد أن تكون حدودها
الشرقية أو الغربية متينة ومؤمنة لا يرد منها أي خطر أو تهديد على المنطقة
ككل.
من بين ما تمخضت عنه حركة التمرد
الليبية، أن القادة العسكريين الكبار لهذه الحركة من الإسلاميين الأصوليين،
هناك إذاً تخوف مشروع من طرف الجزائر التي تشن حرباً بلا هوادة على
الإرهاب الأصولي؟ أنها مخاوف جدية وحقيقية ومشروعة، حتى
الآن هناك حكم قاسٍ وقمعي في ليبيا، ولا نعرف إن كان المتمردون لا يزالون
موالين " للقاعدة" أم أنهم تحولوا إلى الحياة المدنية العادية. لحد الآن
ليس هناك مؤشرات توحي بوجود تراجع باتجاه الحياة المدنية وقبول قواعد
اللعبة الديمقراطية.
تنظيم " القاعدة " في بلاد المغرب
الإسلامي أصدر بياناً قبل يومَين أثنى فيه على الثوار في ليبيا وعلى مَن
اعتبرهم بالمجاهدين الذين نهضوا ضد حكم القذافي.
الأمر واضح بالنسبة لتنظيم " القاعدة "
وكأن هناك فصائل طويلة ضمن الثوار لا يزالون يدينون بالولاء لهذا التنظيم،
والجزائر ترى أن هذا البيان مقلق ومثير للحيرة.
ولحد الساعة وقبل يومين فقط، ليس هناك
ما يشير إلى وجود رغبة لدى الثوار المتمردين في التغيير، إذ أنّ الاعتداء
الإجرامي على ثكنة شرشال قبل أربعة أيام أهدي من طرف تنظيم " القاعدة "
إلى الثوار في ليبيا.